سلسلة مقالات الاستاذ نبيل العوذلي

الأحد، 4 نوفمبر 2012

ما الذي يجعل بعض النساء الجليلات القدر الرضا بالزواج من رجل دونهن-اي اقل منهن-؟

بسم الله الرحمن الرحيم
قد تقبل بعض النساء الجليلات القدر الزواج من رجل واحد راضيات بالتعدد بقبولهن اياه زوجا لهن زوجتين او ثلاث او اربع لعظم قدره ورفعة ذكره بين الناس بحيث انهن يشعرن انه يستحق ان يكون زوجا لاثنتين منهن او ثلاث منهن او ارع منهن...ولكن حينما يكون الرجل ليس على ذلك القدر من المكانة ولا الرفعة ولا النسب ولا الجاه ولا المال وتستطيع الواحدة منهن بحسبها ونسبها وجمالها ومالها ان تستقطب زوجا افضل منه مئات المرات بل ربما الاف المرات فمالذي يجعل هذه الجليلة القدر الرضا بالزواج من زوج كهذا والاكثر استعجابا الرضا بأن تكون احدى زوجاته راضية بمشاركتها زوجة له اخرى معه الحب والمودة والرحمة....؟
انها معادلة معقدة مركبة تكشف حقيقة عن صنف من الشخصيات الفذة العجيبة حينما نعرف بعض اوجه التحليل النفسي والعقلي عن الموضوع
اليكم هذه القصة
كان جليبيب صحابي يجلس كثيرا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان -دميما-اي غير جميلا واراد النبي صللى الله عليه وسلم ان يزوجه رضي الله عنه فقال له جليبيب
ومن يزوجني -اي من يرضى ان يزوجني وانا رجل دميم
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من الانصار كان قد توفي زوج ابنته اني اريدك ان تزوجني ابنتك فظن الرجل ان النبي صلى الله عليه وسلم يخطبها لنفسه ففرح ولكنه عليه الصلاة والسلام قال انما اريدها لجليبيب فكلم امها فرفضت ولكن البنت قالت رضي الله عنها
--افتردان امر رسول الله ادفعاني الى رسول الله فانه لن يضيعني--
لقد تزوجت رضي الله عنها جليبيب الدميم رضي الله عنهما امتثالا لرسول الله واستشهد جليبيب في معركة فتنافس عليها كبار الصحابة رضي الله عنهم لعظم امتثالها للامر والنهي
من القصة يتبين ان المرأة الجليلة القدر ترضى بالزواج من الرجل الاقل منها نسبا وحسبا وجمالا ومالا ومكانة لقناعات دينية ومبدأية وقيم تؤمن بها تجعلها تقدم الامتثال لها عن اي شيء اخر هو بنظر الناس غير مستساغ
ومن هنا يتضح ان المرأة الجليلة القدر قد ترضى بالزواج من رجل بل ربما ترضى ان تكون زوجة له اسوة بزوجات اخريات معه وهو دونهن-اي اقل منهن-حسبا وجمالا ومالا ونسبا ومكانة وشهرة لان هناك شيء قد ظهر لها اسوة باخواتها جعلهن ينظرن الى قبول الامر والرضا به ليس بحسب قياسات الناس الظاهرة والتي لاشك انها ستقول لها
--ما الذي يجعلك وانت بهذه الجلالة من القدر والحسب والنسب ترضين ان تكوني زوجة اسوة باخريات لرجل اقل منك في كل شيء--
<photo id="1" />
ان الله سبحانه وتعالى بحكمته الازلية المتلازمة مع اسمه تعالى الحكيم تقدر الامور للانسان بحسب قوة ايمانه ونضوج قناعاته الدينية بالله وملائكته وكتبه ورسله والقضاء والقدر خيره وشره...فيقضي الله تعالى الامور بصورة قد لاتكون بحسب رغبتك التي تشتهيها انت وتتصورها بتصوراتك وترسم لها بخططك الذهنية نماذج وانماط صورية تكتشف ان الله تعالى قد دفع بأمر اليك فيه من الشيء الذي كنت تتمناه ولكنه ليس بنفس الصورة التي رسمتها مخيلتك انت لحكمة يريدها اله تعالى تتمثل بحسب علمنا ان الله تعالى يمحص قوة تسليمك ومداه وافقه اسنسلاما لله تعالى من خلال ذلك النوع من الاعيان الذي قد يظهرها لك في حياتك بعلاقات شتى تكونة معهم -زوج او ولي امر او صديق او ناصح او منذر او هادي او اب او ام او...الخ
لقد قالت بلقيس عليها السلام
--قالت ربي اني ظلمت نفسي واسلمت مع سليمان لله رب العالمين--
فاحيانا ما يعرض الله تعالى لك الانقياد له تعالى والاستسلام له تعالى من خلال وسائط بشرية قد يظن البعض انه باستسلامه له انما قد خضع لشيء غير الله وهذا من الورع الفاسد وقد يكون احيانا من الكبر المخفي في النفس ويظهره صاحبه على شكل عزة وانفة لنفسه وهو كبر واستعلاء من التسليم لقضاء الله تعالى والرضا به عبر التسليم لاشخاص
فالله تعالى امرنا بالخضوع للوالدين والتخفض لهما وامر الله تعالى بالسمع والطاعة ولين الجانب لاولياء الامور من الحكام الصالحين في المعروف وامر الله تعالى اخوة يوسف بالسجود له لله تعالى وامر الله تعالى كثيرا من عباده بالانقياد والرضا بالتسليم لاشخاص استسلاما لله تعالى عبرهم ومن خلالهم دون حلول واتحاد ابدا ابدا ابدا؟.؟
فالله سبحانه وتعالى لايماثله شيء من الخق ابدا ابدا
انها مسألة دقيقة بين الشرك والتوحيد
فلاطاعة لمخلوق في معصية الخالق ابدا وانما الطاعة في المعروف في كل شيء ومع كل شيء--قاعدة محكمة-
ولكن لكل واحد منا علاقة خاصة مع الله تعالى تشكلت عبر الايام والاشهر وتراكمات المواقف والخبرات الماضية والحاضرة المصاحبة والطارئة والمتلازمة تجعل كل واحد منا يشعر انه له نوع من الطاعة والاستلهام الخاص الذي يجد انه يتعبد الله تعالى به من خلاله الى جانب ما هو متفق ومحكم من العبادات كالصلاة والصيام والصوم ...تجعله يعرف انه هنا عند هذه النقطة بقبوله نوع من الانقياد ونوع من التسليم ونوع من الرضا انما يقبل بمراد الله تعالى وليس لذات الشخص الذي جعله الله تعالى في هذه الحالة بمثابة الاختبار له فيمتثل له حبا لله ورضا بقضاء الله تعالى وانقيادا لامر الله تعالى واستسلاما لله تعالى
قال الصديق رضي الله عنه في اول خطبة له رضي الله عنه بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم
--اطيعوني ما اطعت الله فيكم فان عصيته فلاطاعة لي عليكم ان احسنت فاعينوني وان اسأت فقوموني--
فجعل رضي الله عنه الانقياد له والاستسلام متصل بالانقياد لله تعالى والاستسلام لله تعالى بل وزاد رضي الله عنه ان طلب التقويم عند الاعوجاج
فيجب ان يروض نفسه الانسان على الاستسلام للاخرين استسلاما لله تعالى وليس لذات الشخص حتى لايكون هناك اشكال نفسي في استمرار الحب والاحترام وسير عجلة الحياة...والمراة ايضا تقبل من الوضع مع الزوج بكونها زوجة له اولى او ثانية او ثتالثة او رابعة مهما كان قدرها ونسبها بقدر ما ترجحت عندها من قناعات هي ميزان ومقياس لشخصيتها في الاخرين ترى من خلالها ان ها عند هذه النقطة انما تطيع الله تعالى وترضى بقضاء الله تعالى وتستسلم لله تعالى وليس لذات الشخص -زوجا او ابا او ناصحا--ودمتم

<photo id="2" />

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق