سلسلة مقالات الاستاذ نبيل العوذلي

الأحد، 4 نوفمبر 2012

--الورع الفاسد--هو المبالغة في الاحتياط من الوقوع في الزلل --كلام في ثقافة التعامل مع اخطاء الاخرين-

بسم الله الرحمن الرحيم


ما هو الورع الفاسد بكلمات بسيطة؟
يمكن القول انه
المبالغة في الاحتياط من الوقوع في الزلل
او
المبالغة في الحذر والحرص والاهتمام
تجد ان بعض الناس يبالغ في شدة الحرص على ما يظن انه كابح لعدم وقوعه في الزلل..ظنا منه ان ذلك السبيل سببا في جعله انسان محترم -رجل ام امرأة-ولكن الفاحص والشاخص لعمق تركيبة هذا الشخص ومرة اخرى اقول -رجل ام امرأة-سيتضح له ان هذا الحرص وكما يصوره على انه يريد ان يكون محترما في عيون الناس ويأتي من احترامه لنفسه ومن حوله..انما هو لامراض نفسية وعقد بنيوية في شخصية ونفسية هذا الشخص ويغطيها بظاهر حرصه على ان يكون محترما امام عيون الناس..وهو يخفي حقيقة رغبته في ان يكون في عيون الناس بصورة كبيرة ضخمة تجعل الاخرين يتعاملون معه بحدود كبيرة تفصله عنهم...

انه حقيقة اخفاء بعض الناس رغبتهم بان تكون لهم صورة ضخمة في عيون الناس من خلال حرصهم على عدم الظهور بمظهر البشرية الاصلية التي قال الله تعالى فيها
--وخلق الانسان ضعيفا--
ومما جاء في تفسير هذا الاية
انه ضعف من جهة
اولاضعف الخلقة فهو من ماء مهين وثانيا من جهة ضعف الصبر على الجماع الجنسي وثاثلثا من جهة الضعف من قهر الهوى وضعف العزم والارادة من عدم ارتكاب الاخطاءء
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم
--كل ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابون--
فهذا اصل محكم في ان البشر كلهم يخطئون ولايوجد بشر ابدا ابدا لايرتكب الاخطاء
انها صورة العصمة تلك التي تراود الكثير منا ويزينها الشيطان في انفسنا تحت مظلة الرغبة في ان نكون محترمين امام الناس فيسترجنا الشيطان الى الوقوع في مقام اخر لايحبه الله تعالى وهو تصور العصمة فينا بالتكابر على بشريتنا تلك التي خلقنا الله تعالى فيها من ضعف وماء مهين وعدم القدرة على العصمة من الاخطاء مطلقا لان الانبياء لم يسلمون من تلك الصورة الملائكية التي نفاها الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال تعالى
--وقالوا مالهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الاسواق لولا انزل اليه ملك فيكون معه نذيراا--
http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1249&idto=1249&bk_no=51&ID=1257

ان بعض الناس يريد ان يوحي لك بتصرفاته انه يختلف عن البشر باخلاقه وادبه وكلامه وبيانه ظنا منه ان ذلك سيجعل الاخرين يحملون له نوع من الشعور الخاص المتميز عن الاخرين وهو حقيقة يخفي بذلك عدم ثقته في نفسه ويريد ان يجعل من هذه التصرفات عنوانا لان ينظر اليه الاخرين بصورة مختلفة عن نظرتهم لبقية الناس...وربما يخفي شعوره بالضعف امام الاخرين ويريد من خلال هذا السلوك ان يمنح نفسه نوع من الثقة ليعزز له مكانة يريدها دائما افضل من مكانة الاخرين في عيون الناس
انه داء العظمة

لقد اثرت صورة البشر المعصوم من الزلل في ثقافة بعض الفرق البدعية كالامامية الرافضة والصوفية القبورية..ونحوهم من فرق الفلاصفة والقرامطة الذين يجعلون من صورة البشر الخالي من الاخطاء والمعصوم من الزلل سلما لاستعباد الناس والاستعلاء عليهم..وهذا الورع الفاسد وهذا التصور يقود الانسان الى التطرف والتنطع وحرمان نفسه من خير كثير بسببه لانه يحرص على نمط من الالفاظ وطريقة في تقديم نفسه بين الناس يشق على نفسه فيها ويشدد الاغلال على عنقه بسببها
ولذلك حينما تتعامل مع الاخرين لاتجعل من قياسك لشخصياتهم من خلال خلوهم من الزلل او وجوده فيهم لان ذلك لم يحدث للكمل من الصالحين والصالحات بل تعامل على انه لابد ان يكون فيهم اخطاء وهذا موجود في كل البشر كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم السابق ولكن عليك ان تتعامل معهم وفق ثقافة عقيدة اهل السنة والجماعة
ان هذه الاخطاء تتفاضل وتزيد وتنقص وتتبعض وتتجزء ..اي يمكن ان يكون فيه اخطاء في جوانب يمكنك ان تتحملها واخطاء في جوانب لايمكن ان تتعايش معها وحينها عليك ان تحلل نوع الاخطاء الموجودة في الشخص الذي تريد ان تقترب منه بقصد علاقة ما زواج او عمل او شراكة تجارية او صداقة او نحو ذلك من العلاقات البشرية..فهل هي من انواع الاخطاء التي يمكنك ان تتحملها وتتعايبش معها ام لا وهل يمكن ان تساهم في تقويمها وتهذيبها ام لا وهل يمكن لهذا الشخص ان يتغير ويتخلص منها ام لا وهل هذه الاخطاء تزيد عنده حينما يكون في حال معين مثل الشخص الذي حينما يبتعد عن زوجته ويعتزل عن ممارسة النكاح تجد ان جزء من اخلاقه تسوء كما يقول ابن القيم رحمه الله بسبب ضعفه عن الصبر على النكاح فهل هذا الشخص حينما يكون حاصلا على لذته بالحلال تقل اخطاءه او تنعدم ؟؟اي ببساطة لايعقل ان تحكم على شخص جائع عن نوع من الاطعمة مثل اللحم لاشهر ثم تجده يرتكب خطأ بسبب ضعفه مثل ان ياكل اللحم بشراهة عند اناس دعوه للطعام فتحكم عليه بالشراهة وانت لاتعلم الدافع الذي جعله يظهر بمثل هكذا زلل
وهكذا يجب ان نتعامل مع اخطاء الناس من خلال معرفة الدوافع والاسباب ونتسائل هل اذا انقطعت الاسباب سيستمرون على تلك الاخطاء ام يتوقفون عنها ..فالاخطاء البشرية موجوده فينا كلنا ولكن لابد من معرفة ثقافة التعامل مع الاخطاء كي تستمر الحياة والعشرة وتبادل المصالح والمنافع وسد حاجات بعضنا البعض ببعضنا البعض

ان ثقافة التعامل مع الاخطاء فن اجتماعي يحقق اصوله العلماء بجعل الداعية الذي يعيش مع المجتمع باخطاءه ويؤثر فيهم ضعفا وقوة افضل من الذي يعتزل عنهم بسبب رغبته في الابتعاد عن اخطاءهم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق