بسم
الله الرحمن الرحيم
ممارسة المرأة للرياضة, بين الشذ والجذب في المملكة العربية
السعودية
يجد المتتبع لشؤون المرأة في
السعودية انها تحظى بنصيب كبير من الاهتمام المتذبذب بين شد وجذب حول قضايا عديدة
من اهمها موضوع ممارسة المرأة للرياضة في المملكة العربية السعودية والذي بدأت
تظهر له صورة يحاول اصحابها اضفاء الرسمية لها من خلال ادخال مادة التربية البدنية
الى مدارس البنات وجامعات البنات الامر الذي لاقى مؤيدي اصحاب هذا الرأي والذي
اعتبر انا واحد منهم وان لم اكن سعوديا معاضة شديدة من قبل بعض الاخوة الغيورين
على المرأة وانوثتها ورقتها ونعموتها..وهو ماتلاحظه في محاججتهم التي يطرحونها على
الناس بقصد تكتيل الرأي الذي يلغي هذا الامر
لقد اتضح لي ان محور محاججتهم
تستند الى احاديث نهي تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال حفاظا على خاصية الصفات
الانثوية والرجولية في الجنسين وعدم اختلاطهما من خلال الاسباب التي قد يتعاطاها
الجنسين ومنها وبحسب قياسهم ومفهومهم الرياضة بالنسبة للمرأة
اي انهم يرون ان الرياضة من
الاسباب التي تجعل النساء تتشبه بالرجال-وهذا مرتكز الشبهة التي يستندون اليها في
نفيهم سن مثل تلك السماحيات التي تجيز للبنات ممارسة الرياضة في مدارسهن وجامعاتهن
وكونهم قاسوا الامر على التلازم
وليس على المطابقة بالقياس العقلي من كون الحركات التي تتصف بها انواع الرياضات
تجعل النساء يتحولن في بعض صفاتهن الى متشبهات بالرجال لان الحركة وبحسب قيساهم
مدعاة لبناء الخشونة واكتساب صفات الرجال...لانه لايوجد حقيقة دليل بالمطابقة على
نهي المرأة ممارسة الحركة التي يسمونها اليوم بالرياضة واتخذت طابعا نوعيا مصنفا
ومتعددا من خلال انواع الرياضات المعروفة بل ان دليل مسابقة النبي صلى الله عليه
وسلم لعائشة رضي الله عنها مرتين في سفرتين مختلفتين مرة سبقته ومرة سبقها فقال
صلى الله عليه وسلم لها رضي الله عنها –هذه بتلك—يدل بالمطابقة على ان الحركة التي
قامت بها عائشة رضي الله عنها المتصفة بالجري ليس مدعاة لاكتساب الخشونة وتشبهها
بالرجال كما يريد ان يصور بعض الغيورين من كون الرياضة التي هي عبارة عن حركة تجعل
من المرأة تتشبه بالرجال فتذهب انوثتها ونعومتها وليونتها بل ان الدليل العقلي
المحسوس في النساء اللاتي يسكن الارياف ومع ما يقمن به من اعمال قوية وخشنة وقاسية
مثل المشي ساعات طويلة في البراري وتسلق الجبال لقطع الاشجار من تلك البقع وحمل
اغصان الاشجار على رؤوسهن والعودة بذلك كله على اقدامهن مشيا على الاقدام الى
بيوتهن ليقمن بتجفيف تلك الاغصان باشعة الشمس ومن ثم تقطيعها لاستعمالها في حطب
الطباخة لم يقل عاقل ان ذلك قد جعلهن متشبهات بالرجال وان انوثتهن الطبعية الجبلية
امام الرجل قد ذهبت فلم تعد تحترمه ولاتتخفض له كأب او كزوج بل اننا نجدهن اكثر
تخفضا وتوددا لاباءهن وازواجهن من اولئك اللاتي ينلن نصيبا من الرفاهية الحياة
الناعمة ,فليس ذلك القياس صحيحا حقا ونحوه من القياسات العقلية لمثل هؤلاء النسوة
في الارياف....الخ
الامر الثاني ان مفهوم الغيورين
للرياضة من الواضح انه غير حسن الاحاطة لكونهم متصورين ان الرياضة موجبة جبرا على
التسبب بالخشونة والخشونه رمز الرجولة ...وهذا غير صحيح مطلقا فقد جاء في وصف كفي
رسول الله صلى الله عليه وسلم انهما الين من الحرير –نعومة وليونة—وقد كان النبي
صلى الله عليه وسلم اكمل الرجال رجولة في كل الجوانب الحسية والمعنوية....وقد قال
النبي صلى الله عليه وسلم ان الشديد ليس بالصرعة وانما بالحلم عند الغضب –جاعلا من
القوة النفسية مقدمة على القوة الحسية المادية –الجسدية—والرياضة في مفهومها
الصحيح انها حركة ديناميكية ميكانيكية للاعضاء يصاحبها عمليات بيولوجية كيميائة
فيزيائية في الجسم تفيده وتقويه وتسن اداءه الوظيفي نافعة للكل رجال ونساء –ولايمكن
حصر هذا المفهوم في الرجال دون النساء لان ذلك يقتضي ان اجسام النساء وعملياتهن
الداخلية الكيميائية والبيولوجية لاتخضع لذات القوانين الموجودة في اجساد الرجال
ديناميكيا وكيميائيا وبيولوجيا من حيث الاحراق والخفض والرفع والدفع والسحب
والانقضاض والامتصاص والاخراج والبناء والهدم التي يشترك فيها الكل
كما ان مفهوم الرياضة ليس بالنحو
الذي يقيس على اساسه اولئك الغيورون على انوثة المرأة وليونتها ونعومتها من التحول
الى صفات خشنة مسترجلة فمثلما ان الصخور خشنه تستطيع ان تكسر بصلابتها وخشونتها
كذلك الماء بليونته ونعومته يستطيع ان ينحت الصخر وهذا هو المفهوم الصحيح للرياضة
بشقيها –الليونه والخشونة النعومة والصلابة –لان هناك رياضات تزيد من التصلب
والتخشن وهناك انوع من الرياضات تقوي الليونة والنعومة –وقلنا تقوي لان لذلك اللفظ
فلسفة نعرفها نحن المتخصصين في فلسفة مايسمونه الصينيون بالين واليانغ-اي الليونة
والخشونة والسلب والايجاب والذكر والانثى..وهي فلسفة عميقة مفادها انه مثل ان
للخشونة قوة كذلك لليونة قوة ومثلما للصلابة شدة كذلك للنعومة شدة—قوة الليونة وقوة
الخشونة وشدة النعومة وشدة الصلابة—مثلما نجده في بعض المواد تكون لينة ولكنها
صلبة كتلك التي يصنعون منها بعض المعدات الحساسة في مركبات الفضاء والطيران التي
تجمع بين الصلابة والليونة لتحقيق خفة الوزن وصلابة المادة....وهذا علم له اصوله
قد فهمه الصينيون قديما حتى ان المراة الصينية تمارس القتال ولايؤثر ذلك على
انوثتها لانهم عرفوا فلسفة الين واليانغ وكيفية اللعب بمتغيراتهما للحفاظ على صفات
النوع المخلوق به كل من الذكر والانثى وهو ما لم يفهمه كثير من الغربيين في
ممارستهم الرياضة وظنوا ان ممارسة الرياضة لايمكن سوى ان تؤخذ على النحو الخشن
والصلب والشديد فحصل الخطا بتشبه النساء بالرجال ---فعلى سبيل المثال حينما تحرك
الانثى ذراعيها مثل جناج الطائر محتفظة بثبات مفصلي مرفقيها ورسغيها بكون هذا خطئا
لانه يقتضي تكبير عضلات الكتفين ودفعهما ليتخذا شكل الرجل بينما اذا لم تحافظ على
ثباتية مفصلي مرفقيها ورسغيها فان ذلك لن يؤثر على شكل جسمها ليتخذ شكل جسم الرجل
بل سيفيد عضلات نهديها فيزيدها جمالا وهكذا مثل هذه الاسرار التي يمكن معرفة نوع
التمارين المخصصة للنساء ونوع التمارين المخصصة للرجال ونوع التمارين المشتركين
معا فيهما دون خوف==والمسألة واسعة كنت قد شرحت بعض منها في سيديهات ومواضيع مخصصة
–والله اعلم-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق