بسم الله الرحمن الرحيم
ايمانا منا بأهمية الحوار مع الشباب الذين تغلب عليهم حماسة الجهاد .. والرغبة الصادقة في البطولة في سبيل الله تعالى .. وظنا منا من انهم انما يريدون ان يحسنوا صنعا ..فانني احببت ان اقيد ما وقع عندي بتوفيق من الله تعالى(( وما توفيقي الا بالله)) حول شرعية العمليات التي يراد منها استهداف دولة المملكة العربية السعودية
لقد بين الله تعالى في كتابه جلى وعلى كيف انه تبارك وتعالى تناول مقالات الكفار الباطلة بالتبيين واقامة الحجج العقلية..بل ان الله تعالى في بعض المقالات يتناول الافتراض الباطل والذي يقوله المشركون في ذاته جلى وعلى ليبين انه يتعارض مع الحق الكوني ..مثل قوله تعالى(( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله اذا لذهب كل اله بما خلق ولعلا بعضهم ......)) حيث يتعامل الله تعالى مع افتراضهم بانه اذا كان حقا فلابد من لزوم ان كل اله سيذهب بما خلق نحو جهة مع ما تقتضيها فعل ذهب من وجوب ان كل اله سيذهب بما خلق الى جهة ماالامر الذي سيوجب تناقضا كونيا في الخلق والامر في تلك الجهات .. وهو ما يخالف الواقع من ان هناك محكمات كونية في الخلق والامر جهتما ذهبت تبين ان هناك اله واحد
ولذا فاننا سنفترض ما يقوله الشباب حول دولة المملكة العربية السعودية ..هذه الافتراضات التي لايمكن ان تخرج عن هذه الافتراضات فيما نعلم وهي
الافتراض الاول ان تكون دولة المملكة دولة كافرة
الافتراض الثاني ان تكون المملكة دولة منافقة
الافتراض الثالث ان تكون المملكة دولة مسلمة
وفي الحقيقة سنجد اننا بتعاطينا لدلالات هذه الافتراضات الثلاثة نصل باذن الله تعالى الى ان المملكة لايصح ان تستهدف بأي نوع من العمليات....
اولا الافتراض الاول
والذي يقصده هنا الشباب انها دولة كافرة – كفر ردة- باعتبار ماوقع عند صاحب التبيان في كفر من اعان الامريكان وما وقع عند المقدسي من انها لم تعمل بركن النفي في التوحيد ومقصوده الكفر بالطاغوت او احيانا باعتبار كلام لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حول امتناع بعض الطوائف لشريعه من شرائع الاسلام الظاهرة المتواترة...
ونحن سنسير بعون الله تعالى بانصاف مع ابناءنا واخواننا .. وسنقول اننا سنفترض ان ما وقع عندكم فيما تقدم هو الحق ..ولنا هنا ان نسألكم ؟
هل تعتقدون معنا ان هناك تفاضل في الكفر كما ان هناك تفاضل في الايمان؟
لابد ان تقولوا نعم لان ذلك هو من اصول اهل السنة والجماعة.. لان التفاضل هو صفة لازمة في الخلق والامر..حتى في العلم والتصديق والقدرة والارادة والرؤية والالتزام
يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في المجلد السابع
الوجه الرابع: ان نفس العلم والتصديق يتفاضلويتفاوت كمايتفاضلسائر صفاتالحي، من القدرة، والارادة، والسمع والبصر، والكلام، بل سائر الاعراض من الحركةوالسواد والبياض ونحو ذلك،فاذا كانت القدرة على الشيء تتفاوت فكذلك الاخبار عنهيتفاوت، واذا قال القائل: العلم بالشيء/ الواحد لا يتفاضل،كان بمنزلةقوله:القدرة على المقدور الواحد لا تتفاضل، وقوله:ورؤية الشيء الواحد لا تتفاضل. ومن المعلومان الهلال المرئي يتفاضلالناسفيرؤيته، وكذلك سمع الصوت الواحد يتفاضلونفيادراكه، وكذلك الكلمة الواحدة يتكلم بها الشخصان ويتفاضلونفيالنطق بها، وكذلك شم الشيء الواحد وذوقه يتفاضلالشخصانفيه.
فما من صفة من صفات الحي وانواع ادراكاته، وحركاته، بل وغير صفاتالحي، الا وهي تقبل التفاضلوالتفاوت الىما لا يحصره البشر، حتى يقال: ليس احد من المخلوقين يعلم شيئًا من الاشياء مثل مايعلمه الله من كل وجه، بل علم الله بالشيء اكمل من علم غيره به كيف ما قدر الامر،وليستفاضلالعلمين من جهةالحدوث والقدم فقط، بل من وجوه اخري. والانسان يجدفينفسه ان علمهبمعلومه يتفاضلحالهفيهكما يتفاضلحالهفيسمعه لمسموعه، ورؤيته لمرئيه، وقدرته على مقدوره، وحبه لمحبوبه، وبغضه لبغيضه،ورضاه بمرضيه، وسخطه لمسخوطه، وارادته لمراده، وكراهيته لمكروهه، ومن انكر التفاضلفيهذه الحقائق كان مسفسطًا.--انتهى—
ويقول ايضا في المجلد20
واعلم انالكفربعضه اغلظ منبعض فالكافر المكذب اعظم جرما من الكافر غير المكذب فانه جمع بين ترك الايمانالمامور به وبين التكذيب المنهي عنه ومن كفر وكذب وحارب الله ورسوله والمؤمنين بيدهاو لسانه اعظم جرما ممن اقتصر على مجردالكفروالتكذيب ومنكفر وقتل وزنى وسرق وصد وحارب كان اعظم جرما.
وغير ذلك يقتضي انكم على غير اصول اهل السنة والجماعة..وبناءا على ذلك وباعتبار الافتراض السابق فان الدول الاسلامية الموجودة_ وهذا رايي عليكم ان تحترموه كما احترم رأيكم الذي اتعرض له وافترضته- كلها دول كافرة كفر ردة.. ولكن اليس من الممكن ان نقول ان هناك تفاضل في كفر الردة لهذه الدول الكافرة كفر ردة بنظركم بحيث يمكننا ان نقول ان نوع كفر الرده لهذه الدولة اهون شرا من كفر الردة للدولة الاخرى؟؟لابد ان تقولوا نعم ..لانه ليس هناك الا هذا الجواب وفق اصول اهل السنه والجماعة
والان اليس من الممكن ان نقول اننا من حقنا ان نحب ونفرح لنصرة احدى الدول الكافرة كفر ردة باعتبار قربها للحق الذي نعتقد به ؟
قد يقول قائل هذا من الموالاة ولايحق لنا ان نحب ونفرح لمثل هذه الدول الكافرة كفر ردة مطلقا وسيستدل بايات الموالاة ...ولكن هذا ليس صحيح..كيف ؟؟
الاستراتيجيات والمصالح القومية من الدين
يقول تعالى(( الم غلبت الروم في ادنى الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين...))
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال
- كان المشركون يحبون ان تظهر فارس على الروم لانهم ااصحاب اوثان وكان المسلمون يحبون ان تظهر الروم على فارس لانهم اهل كتاب-تفسير ابن كثير
- وعن عبدالله بن مسعود
-فما مضت السنتان حتى جاءت الركبان بظهور الروم على فارس ففرح المؤمنون بذلك-تفسير ابن كثير
وقال عكرمة
-فخرج ابوبكر الصديق رضي الله عنه الى الكفار فقال افرحتم بظهور اخوانكم على اخواننا فلا تفرحوا ولايقرن الله اعينكم فوالله ليظهرن الله الروم على فارس- تفسير ابن كثير
قال السعدي رحمه الله تعالى –((ويومئذ)) أي يوم يغلب الروم الفرس ويقهرونهم(( يفرح المؤمنون بنصر الله)) أي يفرحون بانتصارهم على الفرس وان كان الجميع كفارا ولكن بعض الشر اهون من بعض- تفسير السعدي-
وانتبه معي هنا الى ان الصديق سما الروم – اخواننا- وسمى الله تعالى نصرهم بنصر الله والذي رافق الفرح والاعجاب عند المؤمنين..وابن عباس رضي الله عنه استعمل كلمة المحبة- يحبون-
وبناءا على ذلك فاننا نقول ان ادنى ما يمكن ان تنزل اليه دولة المملكة في كفر الردة باعتبار هذا الافتراض هو انها ستكون لاهل السنة كالروم .. والذين ينبغي علينا محبتها والفرح بانتصارها على الشيعة ايران-خصوصا وانهم يتوثبون للانقضاض على المملكة..وهذه الايات التي في سورة الروم تبين ان الدين الاسلامي يراعي ما يسمى اليوم بالاستراتيجيات والمصالح القومية العظمى
اننا نصل الى انه حتى بجعل ما افترضناه حقا معتبرين بالحال والمآل الذي نحن فيه وسائرين اليه فيما نعلم ان استهداف المملكة بعمليات ليس محل حكمة ولا تصرف سديد بل علينا ان نحبها ونفرح بتمكنها لانها باعتبار ما افترضناه تعتبر كدولة الروم بالنسبة لنا والتي من المصلحة والحكمة ان نسعى لانتصارها وعلوها بسبب قرب منهجها باعتبار الافتراض السابق من مناهج كل الدول الاخرى والذي افترضنا انها دول كافرة كفر ردة
فهي على افتراض انها دولة كافرة كفر رد.. لايصح ان تستهدف لانها اليوم ببساطة هي من يمثل منهج اهل السنة الواقف ضد الابتداع الشيعي والعلماني بالضرورة والعرف المؤسس عليه بناء هذه الدولة الحسي والمعنوي بدءا من ولاة امورها الى الشعب والعشائر والقبائل...
ثانيا الافتراض الثاني انها دولة منافقة
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
-وعلى هذا اذا كان الشخص او الطائفة جامعين بين معروف ومنكر بحيث لايفرقون بينهما بل اما ان يفعلوهما جميعا او يتركوهما جميعا, لم يجز ان يؤمروا بمعروف ولا ان ينهوا عن منكر بل ينظر فان كان المعروف اكثر امر به وان استلزم ما هو دونه من المنكر ولم ينه عن منكر يستلزم تفويت معروف اعظم منه بل يكون النهي حينئذ من باب الصد عن سبيل الله ....الى ان قال رحمه الله تعالى ..ومن هذا الباب اقرار النبي صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن ابي وامثاله من ائمة النفاق والفجور لما لهم من اعوان ,ازالة منكره بنوع من عقابه مستلزمه ازالة معروف اكثر من ذلك بغضب قومه وحميتهم وبنفور الناس اذا سمعوا ان محمدا يقتل اصحابه.....انتهى
فبناءا على هذا الافتراض نجد ان كم ونوع المعروف والمتحقق من ولاة امر هذه الدولة بشكل خاص ومن هذه الدولة بشكل عام هو المطلوب والمقصود خصوصا في ظل رغبة الاعداء بتمكين اهل الزيغ والانحرافات من العلمانيين والتحرريين و....الخ
اذا لايصح ايضا هنا ان يتم استهداف المملكة بعمليات تزعزع وحدة التماسك المطلوبه والمقصوده لاهل الدين الصحيح في العالم من اهل السنة والجماعة
الافتراض الثالث
ان تكون دولة مسلمة وهو ما ادين الله تعالى به ,,ولكن قد يقول قائل ولكنها باغية ومأمور قتالها باعتبار بغيها ضد المجاهدين من خلال التعذيب وسوء المعاملة اللانسانية في السجون والله تعالى يقول(( فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى امر الله ))..مع ان الفئتين هنا مسلمتين ...
اقول مما لاشك فيه انني قد اجد عذرا الى حد ما للذين تعرضوا لتعذيب لاانساني فيكون منتقما اكثر من ان يكون مجاهدا..ولكنني احب ان اشير الى انه قد تم تقديم مبادرة صلح من الملك عبدالله والرفض جاء من بعض الشباب والذين شئنا ام ابينا هم ابناءنا واخواننا..فعليهم ان يتحملوا نتيجة هذا الرفض ..كما ينبغي تهذيب طرق التعامل مع هؤلاء تحقيقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم – ان الله رفيق يحب الرفق وان الله ليعطي بالرفق ما لايعطي بسواه..- او كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
قال شيخ الاسلام رحمه الله
يقول شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى في المجلد 28
--وفريق عندهم خوف من الله تعالى ودين يمنعهم عما يعتقدونه قبيحا من ظلم الخلق وفعل المحارم فهذا حسن واجب ولكن قد يعتقدون مع ذلك ان السياسة لاتتم الا بما يفعله اولئك من الحرام فيمتنعون مطلقا((( وهذا الذي حصل بالضبط)))...الى ان قال-فيقعون احيانا في ترك واجب يكون تركه اضر عليهم من بعض المحرمات((( وهو مشاركة اهل الولاية مسؤولياتهم ولكنهم يتركون ذلك بحجة انهم طواغيت وان العمل معهم هو عمل مع الطواغيت))) او يقعون في النهي عن واجب يكون النهي عنه من الصد عن سبيل الله وقد يكونوا متأولين ((( وهذا حال اغلبهم))) وربما اعتقدوا ان انكار ذلك واجب ولايتم الا بالقتال فيقاتلون المسلمين كما فعلت الخوارج(_(( وهو الحاصل السعوديه)))..وهؤلا ء لاتصلح بهم الدنيا ولا الدين الكامل((( ولعل نموذج طالبان خير دليل))) وقد يعفى عنهم فيما اجتهدوا فيه ((( وهذا ما ادعوا اليه دائما لانني كنت واحدا منهم في تأويلي))) ..الى ان قال رحمه الله تعالى –وهذه طريقة من لايأخذ لنفسه ولا يعطي غيره ولايرى انه يتألف الناس من الكفار والفجار لابمال ولا بنفع—انتهى --
واخيرا نجد ان شرعية القول بصحة استهداف المملكة بعمليات تزعزع امنها لاتقوى على كمال الصواب والجواز والصحةخصوصا ما يتعلق بالافتراض الاول والسبب في ذلك ان اكثر العمليات التي تتم في المملكة انما هي بسبب ان اصحابها يتعاطون هذا الافتراض
وقد ينشأ قول ان النبي صلى الله عليه وسلم قاتل الروم فيما بعد رغبة في نفي ما اردنا ان نؤسسه من موجب يوجب استثناء المملكة بموجب ما قلناه .. ولكننا نعزز هذا الافتراض ومرادنا وهوان النبي صلى الله عليه وسلم وفي معركة بدر قد طلب من الصحابة رضي الله عنهم العمل باستثناء بعض من الذين كانوا في صفوف المشركين واجتناب مقاتلتهم الامر الذي حدا بالصحابة رضي الله عنهم الاجتهاد في تحقيق هذا الاستثناء لمن ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم طالبا عليه الصلاة والسلام عدم التعرض لهم كما تروي السير بالرغم من الحال الذي عليه طبيعة المعركة يوجب تعقيدات وصعوبات تقلل من العمل بهذا الاستثناء بل قد تجعله محالا وغير منطقيا سوى ان النبي صلى الله عليه وسلم..امر بذلك والشاهد اننا نريد ان نقول لاولئك الذين يعملون بمبدأ الافتراض الاول اليس من الحكمة استثناء بعض الدول ولعل مقصودي هنا المملكة اعتبارا بهذه القصة وعدم الحاجة للغلو والتنطع بالتمسك بأدلة توجب عقيدة ومنهجية تشبه الى حد ما من بعض الوجوه عقيدة ومنهجية الخوارج والذي ليس في دينهم مثل ما تقرر عندنا من الاستثناء والاهون شرا والاكثر قربا ..يعني ببساطة هل يمكنكم اعتبار المملكة كحال الذين استثناهم النبي صلى الله عليه وسلم من التعرض لهم وفق ما تقدم معتبرين لسابقتها وفضل ولاة امرها في نصر ونشر دعوة الدين الصحيح من الكتاب والسنة ونصر المجاهدين في يوم ما
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق