بسم الله الرحمن الرحيم
بينما كنت اطالع في بعض ابحاثي السابقة حتى وقع بصري على بحث كنت قد ثيدته بحمد الله قبل حوالي خمس سنوات ولله الحمد .. ولان هذا البحث على قدر كبير وخطير من الاهمية القصوى في حياتنا فانني استعنت الله اولا واخيرا على تقييده في هذا المنتدى المحترم ..؟
الفكر والعقل والذاكرة ...ثلاثة متغيرات متعلقة باصل الا وهو القلب والذي يعمل بمبدأ (( وما جعل الله لرجل من قلبين في جوف))..اي ان القلب لايحتمل الا التعامل مع احد المرادين .. وهو ما كشف عنه الحقيقة الفيزيائية بانه لايمكن في نفس الوقت معاينة سرعة الجسيم وموضعه معا .
كيف يفكر الناس ؟ كيف يعقل الناس ؟ كيف يتذكر الناس ؟ هل يمكن تسيير تفكير الناس من بعد؟ هل يمكن انساء الناس ذكريات معينة واستبدالها بذكريات اخرى ؟ هل توافق الاعراض المعنوية عقليا وتذكريا وفكريا في الناس يساعد على الاتصال فيما بينهم بغض النظر عن الزمان والمكان؟ هل يمكن تحريك ارادات الناس ورغباتهم الفكرية والعقلية والتذكرية من بعد؟ .... وغير ذلك من الاسئلة والاجابات الهامة سنتعرض لها باذن الله تعالى
لاية مائة عام يمكننا تقسيم المائة العام الى ثلاثة اجيال.. ويمكننا تقسيم كل جيل كما يلي

اولا
جيل الاباء( 1-33) ويحوي على
جيل اباء الاباء وهم من ( 1-11) اي من مواليد مثلا عام 1901-1911
جيل اباء الابناء وهم من ( 12-22) اي من مواليد عام 1912-1922
جيل اباء الاحفاد وهم من( 23-33) اي من مواليد عام 1923-1933

ثانيا جيل الابناء وهم الذين من عام ( 34-66) وفيهم
جيل ابناء الاباء ( 34-44)
جيل ابناء الابناء( 45-55)
جيل ابناء الاحفاد(56-66)
ثالثا
جيل الاحفاد (67-99...)وهم
احفاد الاباء(67-77)
احفاد الابناء( 78-8
احفاد الاحفاد( 89-99..)
طبعا العام المتبقي تكملة المائة العام يمكن تقسيمه على الثلاثة الاجيال من اربعة اشهر ... وهذه القاعدة متحققة لاية مائة عام في هذه الاجيال .. والسؤال هنا هل هناك علاقة فكرية وعقلية وتذكرية بين هذه الاجيال ؟ كيف يمكن تعزيز هذه العلاقة لمصلحة الامة ؟ هل يمكن الاضرار بهذه العلاقة فكريا وعقليا وتذكريا بين هؤلاء الاجيال لاضعاف الامة ؟

والان دعونا ندرس قليلا مقتضيات ولوازم وموجبات الفكر والعقل والذاكرة من القران حتى يتسنى لنا باذن الله تعالى الاحاطة الحسنة بتفاصيل الموضوع
اولا الفكر
قال تعالى{أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ }البقرة266
ان في هذه الاية اسرررررار عظيمة وهامة ..؟
اولا قوله تعالى (( ايود)) في بداية الاية .. وقوله تعالى(( تتفكرون)) في نهاية الاية دليل على ان هناك علاقة بين التمني او الاماني من مقتضى قوله تعالى (( ايود)) - اي هل يتمنى- وبين الفكر .. وهذا امر هام ينكشف لنا بحمدالله من هذه الايه بان الفكر مسؤول عن التمني - المستقبل- او الطموحات.. ولكن هنا امر هام تبينه لنا الاية وهو ان الله تعالى بين .. هل يتمنى احد منا ان تكون له مزارع وحدائق جميلة وواسعة كانها الجنة ولكنه لايمتلك وسائل واسباب النفي والاثبات لادارة هذه المسؤولية والمدافعة عنها .. لانه ما الفائدة ان تكون عندك هذه الجنة من المزارع والاطيان وليس عندك القوة الكافية(( واصابه الكبر)) .. ولا عندك النصرة الكافية(( وله ذرية ضعفاء)) .. ولم يكن عندك القوة على الغرس اذا ما حلت عليك المصيبة (( فاصابها اعصار فيه نار فاحترقت)) .. ولا عندك النصرة المعاونة على مدافعة هذه الكارثة... ان الامر خطير جدا..جدا..جدا.
ان هذا يعني لنا ان التمني للاحوال المستقبلية عند الناس كاصل للخروج من ازماتها النفسية والقلبية والعقلية مع عدم التوافق مع مقدرات وطاقات الانسان على الاثبات بالبناء والتربية والانشاء ومقدرات وطاقات الانسان على النفي بالمدافعة والمقاومة والمكافحة يؤدي الى الاصطدام والانهيار والتهلكة... ولنأخذ مثالا واقعيا على مثل هذا الشيء موجود اليوم .. بعض الناس يطلبون من الامة ان تتخذ مواقفا تجاه اعداءها فيها من التمني والاماني ما لا يتوافق مع مقدرات الامة على ان تكون على هذا الموقف الذي يبنيه بعض الناس على اساس التمني والاماني - ببساطة الامة العربية لاتمتلك السلاح الذري والنووي- فكيف نطلب من الامة تبني مواقف تجعل العدو لن يتردد في استعمال مثل هذا السلاح ضدها عند الشعور باهمية استعمال هذا السلاح لهم .. فهذه الاية تبين كيف ان التمني (( ايود احدكم)) يجب ان يكون متوافقا مع القدرات المتاحة في الناس .. ولهذا قال تعالى(( فاصابه الكبر وله ذرية ضعفاء)) اي ان القدرات في هذا المتمني وانصاره لاتتفق مع امنياته وطموحاته في ادارة هذه المسؤولية الكبرى .. وهناك مثال اخر يؤسفني ان اذكره ولكنه حقيقة واقعة وهو ان من المتحمسين ما يتمنى ان يحكم البلاد والعباد باسم الشريعة والدين .. ولكن هذا المتحمس او هؤلاء نجدهم للاسف قد فشلوا بادارة المسؤوليات البسيطة كادارة مدرسة او معهد او جامعة..الخ.. يجب ان يكون طموحنا على قدر ما نمتلكه من قوة واستطاعة لقوله تعالى (( فاتقوا الله ما استطعتم)).. ولا يعني اننا بهذا الكلام نروض الناس على الماسوشية ولكننا نريد القدر المتاح من الاستطاعات والامكانات المتاحة لنا لنعمل بها ولانشق على الناس بمواقف لا تتوافق مع امكاناتهم واستطاعاتهم الحسية والمعنوية

وبذا يتبين لنا بحمد الله كيف ان هناك علاقة بين ما يتصوره الفكر من طموحات وامنيات بين الشروط المتصلة بتحقق ذلك .. حيث تبين الاية ان التصورات الفكرية للاحوال المستقبلية مقيدة بشروط
الشرط الاول
تعلق الحال - اي الحاضر الذي تتصور فيه الطموح- بالزمن والقدرة
لقوله تعالى (( واصابه الكبر)) .. فلاينبغي لنا ان نتصور الطموحات والتي تكشف لنا الاية بان تصورها فكريا داع لتحققها واقعيا الا اذا كان الحال الذي نحن فيه متوافق مع الطموح .... فمن غير المعقول ان نطلب من رجل تجاوز الخمسين من عمره ويعاني من الضعف الجنسي مثلا ان نجعله يتصور انه متزوج اربع نساء في العشرينات من اعمارهن ..حتى ينبني على اساس هذا التصور الفكري قدرة جنسية فيه .. فهذا مخالف لسنن الله الكونية ولهذا قال تعالى (( واصابه الكبر))
ولايمكن لانسان يعاني مثلا من العرج او الضعف البدني الجبلي والذي غير قابل للمعالجة ان نطلب منه ان يتصور انه هالك هوجن او سنوكا سوبر فلاي ..
الشرط الثاني
تعلق المآل- اي المستقبل الذي تؤول اليه الطموحات- بالاستطاعة التوريثية
ولهذا قال تعالى ((وله ذرية ضعفاء)).. والتي هي محل الموروث الذي سيدير الطموح والامنيات ... وهذا يدل على ان من اهم متطلبات الاستراتيجيات للناس هو مقدرة هذه الاستراتيجية على توريث القدرة جيلا بعد جيل على توارث النجاح الذي حققه الجيل الاول في طموحاته ... فمما ينبغي لنا عندما نرسم الطموحات في افكارنا مراعاة هذين الشرطين .. ولذا فان من الحكماء ما يدرك انه في الحال الذي يكونون فيه لايستطيعون من تحقيق الطموح .. ولكنهم يسعون الى توريث هذا الطموح في الاجيال القادمة والمقيد بشرط يستنتج من المفهوم المخالف لقوله تعالى (( وله ذرية ضعفاء)) اي يجب ان يكون الذين يتم التوريث لهم هذا الطموح ذرية اقوياء .. وهذا مربط الفرس الذي ندعوا الله تعالى ان يعيننا ان نورثه لابناءنا وابناء ابناءنا باذن الله تعالى
اذا .. اتصال الحاضر بالمستقبل في الطموحات الفكرية عبر تصوراتهم الذهنية للنجاح مقيد بشروط المقدرة والقوة والاستطاعة .. وغير ذلك سيكون مجرد وهم وسراب .. وكثير من الناس من يعالج بعض مشاكله بالتصورات الفكرية الغير متوافقة مع مقدرته الزماحسية ومعنوية - اي نسبة للزمان والقدرة الحسية والمعنوية- ولا يضع الاعتبار لمن ستؤول الامور من بعده فيصطدم بالواقع وقد يجد اخرين من سطو على ما اسسه من بنيان تعب وكدح فيه.
ولعل في كلامي انشاء الله ما يغني اللبيب الى ان التصورات الفكرية للطموحات يجب ان تكون مقيدة ومراعية للشروط السابقة حتى لاتصطدم طموحاتنا بواقع اكبر منا واقوى من مقدراتنا فنتحول الى يائسين (( ولا تيأسوا من روح الله انه لاييأس من روح الله الا القوم الكافرون))او الى متطرفين (( ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة))